دراسات
إسلامية
الصهاينة
.. والحقوق
الصهيونية
الـمُدَّعَاة
في فلسطين
(1/3)
بقلم
: الدكتور
نعمان عبد
الرزاق
السامرائي
1 – الحق التاريخي
1 – يدعي
الصهاينة – وما أكثر
ما يدّعون – بأن لهم
حقوقاً..
تاريخية.. في
فلسطين؛ لأن
أجدادهم
سكنوها فترة،
إلا أنهم لا
يقولون إن كانت
فلسطين في ذلك
الوقت خالية
أم مسكونة من
قبل شعوب عدة،
أعتقد أنه
لولا خشية
الفضيحة لقالوا
ذلك، ولسوء
حظهم
فالتوراة تذكر
تلك الشعوب
بأسمائها،
كما تذكر
المعارك التي
خاضوها مع
اليهود، وما
زال أبناء
أولئك لـم
يغادروا
أرضهم، ولا
هجروا وطنهم،
أما اليهود
فأقاموا مدة
ثم هاجروا
وتفرقوا في
الأرض، وهم
كاذبون في
دعواهم أن
الأجانب
أجلوهم بالقوة
عنها، فهم قبل
سقوط ملكهم
كان ثلاثة
أرباعهم خارج
فلسطين، يوم
أن سقطت
القدس، فمن
أجدادهم؟؟.
وإذا
كان كل شعب
أقام في مكان
تثبت له مثل
هذه الحقوق؛
فعلى هيئة
الأمم أن تعيد
توزيع الشعوب
من جديد على
الكرة
الأرضية،
وعندها قد لا
تجد شعباً
يبقى في مكانه
الحالي.
2 – الحق
الديني
يدعي
اليهود بأن
نصوصاً في توراتهم
– التي قال
عنها أبا
إيبان يوماً
وهو (خرفان): إنها
كتبت في السبى
– ووعودًا
تقول: بأن
الله وعد
إبراهيم عليه
السلام بأن
يعطيه أرض
كنعان،
ووعودًا أخرى – يفوح
منها رائحة
الكذب
اليهودي – بأن الله
قال لليهود كل
شبر أرض تطأه
بطون أقدامكم
أعطيه لكم.
ههذه
الوعود في
كتابهم الذي
أصابه
التحريف
والتبديل،
باعتراف من(3)
آلاف من
القسس،
كُلفوا بدراسته،
فقالوا بأن
كلام الرب قد
اختلط بكلام
البشر. وقد
نسخ بعد قيام
السيد المسيح
عليه السلام،
ونزول القرآن
وعلى فرض صحة
النصوص، فهل هي
مشروطة أم
لا؟؟ فالله
تعالى حين وصف
الأمة
الإسلامية
بالخيرية
جعلها مشروطة ﴿كنتم خير أمة
أخرجت للناس
تأمرون
بالمعروف وتنهون
عن المنكر
وتؤمنون
بالله﴾ فهذه
الخيرية
مشروطة بشروط
متى فقدت،
زالت صفة
الخيرية،
وهذا مقتضى
العدل الإلهي.
لكن
اليهود
يرفضون كل
شرط، بل تعلل
توراتهم الأمر
تعليلاً
غريباً جدًا،
جاء في سفر
التثنية – وهو من
الأسفار التي
أطلق عليها
جارودي صفة: أسفار
العنصرية – (ليس لأجل
برك وعدالة
قلبك تدخل
لتمتلك أرضهم؛
بل لأجل إثم
أولئك الشعوب
يطردهم الرب
إلهك من
أمامك، ولكي
يفي بالكلام
الذي أقسم
الرب عليه
لآبائك
إبراهيم
وإسحاق
ويعقوب،
فاعلم أنه ليس
لأجل برك
يعطيك الرب
إلهك هذه
الأرض الجيدة
لتمتلكها،
لأنك شعب صلب
الرقبة)
التثنية الإصحاح
9/5-6.
فإذا
كان الشعب
المدلل.. صلب
الرقبة.. فلم
هذه الوعود؟
وبماذا
يستحقها؟ إن
هذا مخالف
للعدل الإلهي.
والأعجب
من كل ذلك
دعواهم بأن
هذه الوعود
أزلية، علماً
بأنها لم
تتحقق إلا
لعشرات
السنين، على
عهد داود وسليمان
عليهما
السلام، ومن
بعدهما انتهت
السيطرة
الاسرائيلية،
وتشرد
اليهود،
بينما بقيت
تلك الشعوب في
مكانها تزرع
أرضها، وتعيش
على خيراتها.
والأمر
الملفت للنظر
أن هذه الشعوب
لم تتعرض للسبي
والتشريد كما
تعرض اليهود، فلماذا؟؟.
ولنفرض
أن اليهود
تركوا دينهم،
وتحولوا حتى لعبادة
الأصنام كما
تذكر
التوراة، فهل
تبقى هذه
الوعود بعد
الكفر؟ وإذا
بقيت فأين وجه
العدالة في
ذلك؟؟ أمن أجل
سواد عيون
اليهود فقط؟؟!!
وهذا سفر
التثنية يضع
النقاط على
الحروف فيقول:
(قد جعلت
اليوم قدامك
الحياة
والخير
والموت
والشر، بما
أني أوصيتك اليوم
أن تحب الرب
إلهك وتسلك في
طريقه، وتحفظ
وصاياه،
وفرائضه
وأحكامه، لكي
تحيى وتنمو، ويباركك
الرب إلهك في
الأرض، التي
أنت داخل إليها
لكي تمتلكها،
فإن انصرف
قلبك ولم
تسمع، بل غويت
وسجدت لآلهة
أخرى
وعبدتها،
فإني أنبئكم
أنكم لا محالة
تهلكون)
التثنية
الإصحاح 20/15-18.
وقد
تكرر هذا في
أسفار أخرى
كالخروج 195
والملوك
الثاني 9/2 وكيف
يتصور رضي
الرب يقول
كتابهم: (وعمل
بنو إسرائيل
سرًا ضد الرب
إلهم، أمورًا
ليست
بمستقيمة...
وأقاموا
لأنفسهم
أنصاباً وسواري..
وأوقدوا هناك
على جميع
المرتفعات،
وعملوا
أمورًا قبيحة
لإغاظة الرب...
وعبدوا
الأصنام
ورفضوا
فرائضه وعهده
الذي قطعه مع
آبائهم،
وشهاداته
التي شهد بها
عليهم،
وساروا وراء
الباطل،
وتركوا جميع
وصايا الرب،
وعملوا
لأنفسهم
مسبوكات
عجلين(1)،
وعملوا سواري
وسجدوا لجميع
جند السماء،
وعبدوا البعل،
وباعوا
أنفسهم لعمل
الشر في عين
الرب لإغاظته)
الملوك
الثاني
الإصحاح 17/9-17.
فماذا
بقي من
الجرائم
والآثام لم
يرتكب؟ وهل بعد
الكفر ذنب؟؟
كيف يعهد الله
لأمة تغيظه وتصنع
عجلاً
وتعبده،
وتعبد صنماً
أو أصناماً؟! فهل
لمثل هذه
الأمة حق، وحق
ديني؟!! وهي
الكافرة
بدينها؟؟
لنستمع
(لأرميا) يصرخ
(ها أنذا أطعم
هذا الشعب
أفسنتيناً
وأسقيهم ماء
العلقم،
وأبددهم في
أمم لم
يعرفوها ولا
أباؤهم، وأطلق
وراءهم السيف
حتى أفنيهم)
أرميا
الإصحاح 9/15-16.
وما
دمنا في
الحديث عن
أرميا فلنقرأ
قوله (هكذا
قال الرب، وإن
نقضتم عهدي مع
النهار وعهدي
مع الليل، حتى
لا يكون نهار
ولا ليل في
وقتهما، فإن
عهدي مع داود
عبدي ينقض... إن
كنت لم أجعل
عهدي مع
النهار
والليل،
فرائض السماوات
والأرض، فإني
أرفض نسل
يعقوب وداود
عبدي، فلا آخذ
من نسله
حكاماً لنسل
إبراهيم، وإسحاق
ويعقوب...)
أرميا
الإصحاح 33/20-26.
هذا
هو المنطق
السليم: متى
نقض اليهود
عهد الله،
فإنه تعالى لا
ينفذ وعده
وعهده لهم،
لأنهم إنما
يستحقون
الوعد والعهد
بالاستقامة،
فإن عزفوا
وكفروا فلا
عهد لهم..
هذه
الأمة هل يعقل
أن تكون لها
حقوق دينية؟؟
لو
فتح باب «الحق»
الديني ألا
يكون من حق
النصارى المطالبة
بفلسطين،
ففيها ولد
السيد المسيح
عليه السلام
وعاش، ومارس
الدعوة، ثم
صلب ودفن، ثم
رفع إلى
السماء حسب
اعتقاد
النصارى. أما
موسى عليه
السلام فقد
ولد بمصر ومات
قبل أن يدخل
فلسطين، ودفن
عند التلة،
الحمراء كما
تقول التوراة،
فمن أحق
بفلسطين من
هذا الوجه؟؟
3 –
الحق القومي
مما
أخذه
الصهاينة عن
مواطنيهم في
أوروبا «القومية»،
فادعوا أنهم
شعب واحد، حتى
قال هرتزل (إن
اليهود بقوا
شعباً واحدًا
وعرقاً
متميزًا، إن قوميتهم
المتميزة لا
يمكن ولن،
ويجب أن لا تتقوض،
لذلك لا يوجد
غير حل واحد
فقط للمسألة
اليهودية، هي
الدولة اليهودية)
الصهيونية
والعنصرية 1/24.
وما
أظن أن في
العالم –
خارج اليهود – من يصدق
أن اليهودي
العربي
والكردي
والتركي والفارسي
والهندي
والصيني
والياباني
والأوروبي
والفلاشة، كل
هؤلاء ينتمون
لقومية واحدة،
وينحدرون من
تلك القبائل
العبرانية البدوية،
التي غزت فلسطين
واستوطنتها
حيناً من
الدهر. خصوصاً
إذا أخذنا
بتعريف
اليهودي بأنه
(من كانت أمه
يهودية) في
ضوء هذا
التعريف
المعتمد أدعو
لقراءة هذا النص
من التوراة (...
فسكن بنو
إسرائيل في
وسط الكنعانيين
والحثيين
والأموريين
والفرزيين والحويين
واليبوسيين،
واتخذوا
بناتهم لأنفسهم
نساء، وأعطوا
بناتهم
لبنيهم،
وعبدوا آلهتهم)
القضاة
الإصحاح 3/5-6
فإذا تزوج
اليهود من كل
هذه الشعوب،
فأبناؤهم
ليسوا
يهودًا، لأن الأمهات
غير يهوديات،
وأبناء غير
اليهود ليسوا
يهودًا
بالطبع، ومن
ولد لتلك
الشعوب هو اليهودي،
فهل هناك
مفارقة أغرب
من هذه، سوى ادعاء
الشعب
الواحد؟!!.
بل
التوراة تذكر
أنبياء بني
إسرائيل،
وبمن تزوجوا
من النساء،
فكلهم تزوج
أجنبية..
والتوراة
تقول بصراحة..
واختلط الزرع
المقدس.. فهذا
الاختلاط
يقضي على..
نقاء.. العرق،
ذلك الشيء الذي
أخذه اليهود
عن رجال
العنصرية، أو
علّمه اليهود
لهم، يقول «أحمد
نسيم سوسه»
وهو مهندس
عراقي يهودي
الأصل أسلم
ومات مسلماً(2)
(انتشر الدين
اليهودي بين
مختلف الأمم
والأجناس،
وهذه الأمم
اعتنقت الدين
اليهودي، وهي تعيش
في ديارها
وأوطانها،
وتتكلم
بلغاتها، وتمارس
عاداتها
وتقاليدها،
فقد بدأ
التبشير
بالدين
اليهودي، منذ
تكوين
الديانة
اليهودية،
بعد كتابة
التوراة، واستمر
حتى العصور
الوسطى،
وعندما أغلق
باب التبشير
في أواسط
القرن الثالث
عشر الميلادي،
فقد قضى
اليهود أكثر
من عشرين
قرناً، يعملون
بجد ونشاط
لنشر
ديانتهم، بين
شعوب وأمم لا تمت
إلى قوم موسى
بأدنى صلة،
وليست لهم
علاقة بفلسطين
أو سكان
فلسطين، لا من
بعيد ولا من
قريب، وهؤلاء
الدعاة إلى
الدين، لم
يكونوا دائماً
من قلسطين، بل
ممن اعتنقوا
الدين
اليهودي وتحمسوا
له). هذه شهادة
خبير لا يجادل
فيها أحد. وقد
رأيت بنفسي،
خلال رحلة في
أفريقيا، جماعة
من اليهود
السود،
ينفخون
بالبوق، ويعلمون
الشباب
الأفريقي،
الديانة
اليهودية، ولهم
أكثر من مركز
للتبشير
باليهودية.
وأختم
هذا بما قاله
عالم
الانثربولوجي
(أوجين بتار)
أستاذ علم
الأجناس
بجامعة (جنيف)(3) (إن
اليهود عبارة
عن طائفة
دينية، اجتماعية،
انضم إليهم في
جميع العصور
أشخاص من أجناس
شتى، جاؤوا من
جميع الآفاق،
فمنهم
الفلاشة سكان
الحبشة،
ومنهم
الألمان ذو
السحنة
الجرمانية،
ومنهم التامل
السود في
الهند،
والخزر،
والمفروض
أنهم من الجنس
التركي، ومن
المستحيل أن
نتصور أن
اليهود ذوي
الشعر الأشقر
الكستنائي والعيون
الصافية
اللون، الذين
نلقاهم في
أوروبا الوسطى،
يمتون بصلة
القرابة –
قرابة الدم –
إلى أولئك
الإسرائيليين
القدماء،
الذين كانوا
يعيشون بجانب
نهر الأردن).
ويذهب
الكاتب
اليهودي «إبراهام
ليون»
لأبعد مما ذهب
غيره فيقول(4):
(إن اليهود
يشكلون في
حقيقة الأمر
خليطاً عرقياً
متنافرًا،
والسبب
الرئيس في ذلك
هو طابع
التشتت،
الملازم
لليهودية،
وحتى في فلسطين
كان اليهود
بعيدين عن
تشكيل عرق
صاف).
والخلاصة:
من كل ما تقدم
يمكن القول
بأن اليهود
طائفة دينية
وليست شعباً
ولا قومية،
فلا عرق
يجمعهم، ولا
لغة واحدة،
ولا ثقافة
موحدة، فادعاء
الحق القومي
أيضاً لا قيمة
له ولا سند.
الهوامش:
(1) المعروف
عجل واحد،
تقول التوراة
بأن صانعه هو
(هارون) فمن
أين جاء
الثاني؟ هل
ولده الأول؟؟
(2) العرب
واليهود في
التاريخ/ سوسة
ص551.
(3) الاستعمار
والمذاهب
الاستعمارية/
د. محمد عوض ص 154.
(4) الماركسية
والدولة
الصهيونية
أديب ديمتري ص
32.
مجلة
الداعي
الشهرية
الصادرة عن
دار العلوم
ديوبند ،
جمادى الاولى
1434 هـ = مارس ، أبريل
2013م ، العدد : 5 ،
السنة : 37